الضفدع يعيش قصة حب، أساريره تنطق بذلك، تصرفاته حديث الأصدقاء والمعجبين، وهو يتكلم كثيراً عن فتحه الجديد، الضفدعة الجديدة في حياته، يجلس مع نفسه قليلاً أو طويلاً، ضاع الزمن. يجالسها، تجالسه، يراقصها، تراقصه، يصيران فراشتين، يسبحان في عالم تعبره الأفلاك والألوان والموسيقى، يحطان فوق شجرة عالية، يستمعان إلى الأفلاك تعزف نغمها الجميل، يطيران في الكون كيفا شاءا، ويعودان، يعودان إلى الأرض!... قالت: "لماذا لا تحب سواي؟" قال لها: "لأني أعشقك وحدك". قالت مستغربة: "لكنني خنتك مع ضفدع آخر! أتعرفه؟ كيف لي أن لا أعرفه؟، أجابها: إنك تحبينني، ما من شك في أنك تحبينني ، وإلا لما حصل بيننا هذا الذي حصل، لم يتمكن من صفعها فقد كان يشتهيها، إنها دافئة وحنونة، ومشجعة، على أي حال سيقتنع بنصفها الآخر فقط، وستعيش هي في المقابل حياة ضفدعية مزدوجة..
يجلس الضفدع على كرسيه المتحرك، يختلس النظر بطرف عينيه إلى طلبته، يتقيأ درسه، ينصرف حاملا حقيبته، إلى غزواته ونزواته، يعود إلى طلبته من جديد، يتقيأ وينصرف، يجري لهم اختبارا، يتقيؤون عليه ثم ينصرفون، ينصرف بدوره لإتمام مشاريعه المعلقة في الهواء، جلسة ساخنة في الحزب الضفدعي تنتهي بسمر ليلي في إحدى حانات المدينة، يعود بعدها الضفدع محمولا على أكتاف ضفدعة غدر بها الزمان تقتسم معه سريره، يستيقظ في الصباح متأخرا، يطرد الضفدعة شر طردة، يذهب إلى ثلاجته يلتقط أشياء يرميها في فمه يقضمها على عجل، يحمل حقيبته الضفدعية، يرمي جسده في سيارته المتهالكة، يأخذ طريقه إلى الجامعة، كلية الآداب والعلوم الضفدعية، لا ينسى وهو يقود سيارته أن يرتكب ما تيسر من المخالفات، يصل إلى المدرج، حركة طلبته غير معتادة هذه المرة، يتطلعون إليه باهتمام، ماذا عساه يقول لهم، سيرتجل موضوعا ضفدعيا على السريع، وتنتهي الحصة، يقترب منه ضفدع صغير، يغادر مقعده، ويتجه نحوه" مبروك يا أستاذ"، يتطلع الضفدع إليه باستغراب فيتابع "صرت وزيرا، سمعنا البارحة إسمك في نشرة الأخبار"، ثم يقترب منه بقية الضفادع مهنئين، يتخلص الضفدع من دهشته، يتأكد من الخبر عن طريق اتصالات ضفدعية يجريها عن طريق جهازه الضفدعي مع الحزب الضفدعي، يزف الضفدع الخبر إلى ضفدعته، يضرب معها موعدا في المساء في مقهى على الشاطئ، يحمل الضفدع حقيبته الوزارية ويمضي باتجاه الوزارة، يشتري سيارة فارهة تسير بذكرها الركبان، لا يتخلى عن عادته في اقتراف المخالفات أثناء السير، يحظى باستقبال من طرف ضفادع الوزارة يعقد اجتماعا معهم يبين لهم فيه تفاصيل مشروعه الضفدعي، وفي المساء يحضر اجتماعا وزاريا يضم بقية الضفادع، يتطلعون إلى بعضهم في اهتمام، ثم يتعارفون بينهم، ويوزعون على بعضهم أرقام هواتفهم الضفدعية، ينشئون مقاولات ضفدعية في كل شيء، ينسى الضفدع طلبته والمدرجات وأجواء الجامعة، ويتفرغ لإدارة مشاريعه الضفدعية الخاصة، يزداد غنج ضفدعته، تهبه حياتها بالكامل، يتقدم ويطلب يدها، يسجل انخراطها في حزبه الضفدعي، يسهر بنفسه على وضعها على رأس القطاع النسائي الضفدعي، يقضي معها عطلة على حساب الوزارة خارج الوطن، تلد له ضفدعا صغيرا، يلقنه تعليما ضفدعيا خاصا، يضعه على رأس شبيبة الحزب الضفدعي، ينتهون جالسين قرب بعضهم في الحكومة الضفدعية المعدلة التي كلف بتشكيلها، الضفدع الصغير اشترى بدوره سيارة فارهة سارت بذكرها الركبان، يسوقها بسرعة جنونية، يقلد أباه الضفدع في قيادة سيارته واقتراف ما تيسر من المخالفات، يصدم، يقتل، يتكفل القضاء الضفدعي بالباقي ويتولى تبرئة الضفدع الصغير وإدانة القتلى لأنهم يرمون بأنفسهم في طريق الضفدع.. الناس في خطر حقيقي إذا استمر الحال بهذا الشكل. استشاروا بينهم ورفعوا أمرهم إلى خبير ضفدعي أطرق هذا مفكرا ساعة، ثم أشار عليهم بكتابة إشارة "انتباه الضفدع يقود سيارته!"علقت في جميع طرقات المدينة الضفدعية.
تخرج مظاهرات في الشارع منددة بالحكومة الضفدعية اللاشعبية، يستعين الضفدع بعلاقاته الضفدعية لقمع التظاهرات، يظهر في التلفزيون الضفدعي في نشرة الأخبار الضفدعية، ويعلن أن الحكومة الضفدعية ماضية في تطبيق برنامجها الإصلاحي ، وأن الأمن مستتب، والناس في أعمالهم، ويتفهمون عمل الحكومة وجهودها، وأنه ليس ثمة أثر للتظاهر كما تروج لذلك بعض وسائل الإعلام المغرضة والأقلام المأجورة، لا ينسى الضفدع وهو يلوك لغته الضفدعية في القناة الضفدعية أن يعطي أوامره بتهريب كافة أرصدته وتحويل حساباته البنكية إلى الخارج قبل أن يهرِّب نفسه بدعوى قيامه برحلة للعلاج تستغرق ما تبقى من أيام حياته الضفدعية .